مـنـتـديـات الأبـيـض سـيـد الـشـيـخ
منتديات الابيض سيدي الشيخ ، سجل معنا ، انت في بيتك
مـنـتـديـات الأبـيـض سـيـد الـشـيـخ
منتديات الابيض سيدي الشيخ ، سجل معنا ، انت في بيتك
مـنـتـديـات الأبـيـض سـيـد الـشـيـخ
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مـنـتـديـات الأبـيـض سـيـد الـشـيـخ

عــــرا قـــــة و أ صـــــا لــة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

# *** # عن أبي  ذر  رضي  الله  عنه  قال :  قال  رسول  الله  صلى  الله  عليه  وسلم : (( إن  ناسا  من  أمتي  سيماهم  التحليق  يقرؤون  القرآن  لا يجاوز  حلوقهم  يمرقون  من  الدين  كما  يمرق  السهم  من  الرمية  هم  شر  الخلق  والخليقة  )) . رواه  مسلم # *** #  روى  الطبراني  في  الكبير  عن  معقل  بن  يسار  قال : قال  رسول  الله  صلى  الله  عليه  وسلم : ((  لأن  يطعن  في  رأس  رجل  بمخيط  من  حديد ،  خير  له  من  أن يمس  امرأة  لا  تحل  له  )) # *** #


 

 المقالة الكافية عن تاريخ أولاد سيد الشيخ

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
رشيد
المشرف العام
رشيد


عدد الرسائل : 359
السٌّمعَة : 0
نقاط : 627
تاريخ التسجيل : 16/11/2007

المقالة الكافية عن تاريخ أولاد سيد الشيخ Empty
مُساهمةموضوع: المقالة الكافية عن تاريخ أولاد سيد الشيخ   المقالة الكافية عن تاريخ أولاد سيد الشيخ I_icon_minitimeالخميس ديسمبر 03, 2009 12:43 pm

بسم الله الرحمن الرحيم

أولا: من هو سيدي الشيخ ؟

سيدي الشيخ واحد من الوجوه الأكثر بروزا في الجنوب الغربي الجزائري على الصعيد الديني كما على الصعيد التاريخي، تسمية سيدي الشيخ التي عُرف واشتهر بها هي لقب يدل على علوّ مكانة مشيخته وَ ولايته .

اسمه الحقيقي عبد القادر بن محمد بن سليمان بن أبي سماحة ،نشأ في نواحي " قصر أربوات " وهي عبارة عن واحة واقعة على الطريق المؤدي إلى البيّض في اتجاه الأبيض على بعد حوالي 23 كلم من هذه الأخيرة . وبالرجوع إلى عمل المؤرخين المسلمين فإن كتّاب مناقب سيدي الشيخ اعتاد الإشارة إلى أجداده من أبيه ، لكنهم مقتضبون بل وساكتون عن ذكر نسبه من أمّه.

مولد : بينما كانت أمه آتية من البدو حتى حصل لها المخاض في أربوات الفوقاني وبالضبط بدرا قرب المسجد العتيق – معلم تاريخي - وقد اتخذها أهل المنطقة كدار للضيوف – كما أنها تحتوي هذه الدار على وتد أصبح يستعمله أهل هذه المنطقة للتداوي به من كل داء .

حسب بعض ألأقاويل الشعبية المعروفة ، فإنّ أُمّه تسمّى شفيرية كانت ابنة الشريف سيدي علي بن سعيد أحد " أولياء " المنطقة، وقبره مشيّد في قبّة في" قصر الغاسول "، على بعد حوالي 35 كلم جنوب البيّض حاليا

وعن تاريخ ميلاده ووفاته ومسقط رأسه يوجد شك كبير. إن المخطوطات التي يمتلكها أحفاده تعطينا معلومات ريبية وغير يقينية لا تمكّننا من الاستنتاج الصحيح.

زد على ذلك أنه لا يمكن التيقّن من الزمان والمسافات بين الولادات عند البدو الرحّل الذين تتميز حياتهم بالترحال المستمر دائما وراء القوت ، مجبرون بطبيعة حياتهم على العيش مع ماشيتهم متنقلين حسب الفصول أو حسب الظروف السياسية أو الاقتصادية على الهضاب أو بين السهول وغالبا حول عنصر الماء ، سواء أكان عينا أو بئرا . فالنقول الشفهية تخبرنا أن عائلته كانت تحط الرحال عادة في" منطقة الحمّام" ؛ غير بعيد عن القرية الصغيرة أربوات التحتاني بعض " الأوتاد" الطبيعية استعملت كمعالم لتحديد مكان خيمة أبيه عندما نشأ في تاريخ لم يُجمِع عليه مترجمو حياته . يمكن أن نحتفظ ليس بسنة 951هـ/1544م المقدَّمة من طرف مخطوط مجهول المؤلف( المخطوط م ا) لكن يمكننا أن نصل إلى نتيجة مستندين إلى تاريخ وفاته الذي تكاد تتفق عليه جميع المراجع . المخطوطات تصرح أن سيدي الشيخ توفي سنة 1025 هـ/ الموافق ل 1616 عن عمر يناهز 85 سنة هجرية و من ذلك نستنتج أنه ولد سنة 940هـ/ 1533م.

إنه ينزل من سلالة أول خليفة في الإسلام أبي بكر الصديق إلا أنّ سلسلة نسبه وجد فيها من وثيقة إلى أخرى بعض الاختلافات . أقرب وثيقة إلى الصواب وجد فيها بعض التعديلات باجتهاد من إمام زاوية سيدي الشيخ السابق العالم الراحل" محمد القاسمي" الذي اغْتِيل غدرا في البيّض من طرف مجرم مجهول سنة 1379هـ /1960 م . حسب هذه الوثيقة المخطوطة فإن سلسلة نسب سيدي الشيخ تكون كالآتي : الشيخ عبد القادر بن محمد بن سليمان بن أبي سماحة بن أبي ليلى بن أبي يحيا بن عيسى بن معمر بن سليمان بن سعد بن عقيل بن حرمة الله بن عسكر بن زيد بن أحمد بن عيسى بن الثادي بن محمد بن عيسى بن زيدان بن يزيد بن طفيل بن المضي بن ازراو بن زغوان بن صفوان بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق .

عائلته أقامت مند بداية القرن التاسع الهجري ( 14 الميلادي) في هذه المنطقة مترحلة بين العرب والبرابرة . وكانت تتمتع بشهرة وإطراء نظرا لانتسابها لأول خليفة في الإسلام سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه الصاحب الوفي والصديق الدائم للرسول صلى الله عليه وسلم، شهرة مضاعفة نظرا للدور الروحي الكبير الذي لعبه أجداده (آل أبي بكر) أو كما هو متعارف عليه ( البوبكرية) في تونس والجزائر والمغرب .

لكي نتمكن من توضيح حضور البوبكرية بين العرب الرحل ولكي تظهر المراحل الهامة لمحنهم يجب علينا أن ندخل ملحقا في هذه الترجمة التاريخية الدينية ، بعض المآثر البطولية والأحداث التي ليس لها ظاهريا إلا علاقات ضئيلة بعملنا لكنها تمكننا من الإحاطة الجيدة بالموضوع ومن تصحيح كثير من الهفوات


هل سيدي معمر أبو العاليا هو أخو سيدي محرز ولي تونس ؟

استقر القائد الديني والسياسي للبوبكرية في الجنوب الوهراني : وهو سيدي معمر أبو العاليا ؛ يجب علينا في هذا الصدد أن نبدد المفارقات التاريخية التي تظهر وأن نضع حدا للأسطورة التي راجت كثيرا بين أحفاد سيدي الشيخ ،الأسطورة التي تذكر أن سيدي معمر أبو العاليا هو أخو سيدي محرز ولي تونس. كثير من المخطوطات تذكر هذه " الأخوة" التي تظهر لنا أنها خطأ مطلق.

حسب مناقب سيدي محرز بن خلف الوالي الروحي لتونس الذي قد توفي في سن 70 سنة أي حوالي سنة 431هـ/1039م أي 29 سنة قبل دخول الهلاليين إلى إفريقيا (442هـ/ 1068م) في حين أن نزوح العرب الرّحل الذي كان من بينهم (البوبكرية) وعلى رأسهم سيدي معمر أبو العاليا يرجع تاريخه -حسب نفس المخطوطات- إلى سنة 891هـ/1489م . بذلك يكون الفرق بين" سيدي محرز" و"سيدي معمر" أكثر من أربعة قرون وهنا يكمن ضلال الوثائق التي نمتلكها ، واحدة من هذه الأساطير التي يشتهيها الرواة وكتّاب التاريخ العربي لكن دون اعتبار تاريخي ثم إن سلسلة نسب سيدي محرز لا تنطبق مع سلسلة نسب سيدي معمر أبي العاليا. حسب المؤلف المذكور آنفا فإن سلسلة نسب سيدي محرز هي كالأتي محرز بن خلف بن رزين بن يعقوب بن اسماعيل بن حنظلة بن عبدالرحمن بن أبي بكر الصديق التيمي رضي الله عنه.

حسب مناقب سيدي الشيخ فإن سلسلة نسبه تكون كالأتي : محرز بن أبي سعيد بن خلف بن رزين بن يعقوب بن أبي زياد بن حنظلة بن خليفة بن إسماعيل بن الشابي بن زيد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه،هاتان القائمتان تختلفان في بعض النقاط لكن نعتبرهما يقنتين.

الشيء المحقق هو أن أسلاف سيدي الشيخ كان وجودهم في منطقة الجنوب الوهراني بسبب سيدي معمر بن المعراج الملقب بأبي العاليا .هذا اللقب الذي اكتسبه نظرا لاحتدامه في المعارك ،حيث أن الرواية الشفهية تخبر أن رمحه كان في المعارك " فوق كل الرماح " ،هذا ما أكّده مقدّم سيدي الشيخ ، الفقيد الحاج محمد بن علي بن كبار الذي توفي في جو قدسي في بريزينة حوالي سنة 1359هـ/1940م رحمه الله.لأنه كان يمتلك بعض المخطوطات .

كما أنّ هذا اللقب رغم قلة تداوله كان قد لقّب به قبله مفسر و سلفي :

(Un Exagete ( Traditionaliste مشهور في مدرسة المدينة المنورة و هو رفيع بن نهروان أبو العالية (توفي عام 90هـ/709م ) .

كان سيدي معمر أبو العالية ـ حسب المخطوطات ـ على رأس القبائل العربية البدوية التي أبعدت عن منطقة تلمسان من طرف الزيانيين ، حيث يسمّي هؤلاء الرحّل بالطائفيين ، ثمّ يزيد :‘‘ طائفة بني هلال كان على رأسها سيدي معمر ابو العالية ، و الطائفة الأخرى :طائفة سويد كان على رأسها الشيخ ماضي، جدّ المواضي و الشعانبة الّذي استقرّ بمنطقة الأغواط و أسّس القرية التي تحمل اسمه ـ عين ماضي ـ

في هذه الـظروف استقرّ سيــــــدي معـمــر في نواحي أربوات التي كان يحكمها ممثل مجهول من قادة الخوارج المحلّيين ( بعض المخطوطات تذكره تحت اسم: السلطان لكحل).كل المنطقة كانت معتنقة مذهب الخوارج رغم وقوع الرستميين بتيارت منذ قرون (296هـ/909م) ؛ بوسمغون ، الشلالة ، أربوات ، الغاسول ، بريزينة … باختصار كل القرى البربرية كانت مركز هرطقة وخزعبلات و إلحاد. سيدي معمر و العرب الرحّل، الّذين أٌبعدوا من تلمسان بسبب صخبهم، عزموا على تطهير كل هذه المناطق من مذهب الخوارج لاستبداله بمذهب السنّة والجماعة على مذهب الإمام مالك

وفاة سيدي معمر أبي العالية

توفي سيدي معمر حسب نفس الوثيقة بعد أن أرجع الناس إلى الطريق المستقيم .حوالي القرن التاسع الهجري أي الخامس عشر الميلادي ،

توفي بأربوات ـ كما تذكر بعض المخطوطات ـ لكن ليس ه*** ما يؤكّد ذلك ،لأنّه لم ينظّم أيّ ‘‘ركب‘‘ (الاحتفال السنوي) . في هذه الواحة البربرية شيّدت قبّة على قبره ‘‘للزيارة‘‘لكن لا يوجد أيّ شيء يؤكّد أنّ جثمانه مدفون في أربوات ، خاصّة أنّ ه*** مكانين جزائريين يدّعيان هذا الشرف و هما منطقتا تنس و غليزان، من أجل ذلك لقّب ‘‘أبو قبرين‘‘ .

أبنـــاء سيدي معمر أبي العالية

لقد ترك أربعة أولاد، أكبرهم عيسى بالعاليا الّذي أصبح قائد عائلته البوبكرية ، هذا المنصب الّذي ورّثه لابنه "أبي الحيا" الّذي هو بدوره خلفه ابنه أبي سماحة الّذي كان معروفا هو الآخر بتقواه وورعه .حيث كان يمتلك ثروة كبرى و كان في حياته يبعث بالثلث إلى مكّة و ينظّم بالثلث الآخر مركز العلم والإطعام ( الزاوية ). يكون هذا الأخير قد دفن في " شروين" وبالضبط في" تبــو"(قصر يقع على بعد 75 كلم من تميمون حيث يقام احتفال سنوي بها).وتوفي في " تبـــو " شروين .

من هو ابنه و خليفته وجدّ سيدي الشيخ ؟

ابنه و خليفته أبو دواية سليمان، جدّ سيدي الشيخ، كان إحدى الشخصيات البارزة لسلالة أبي بكر الصدّيق آنذاك ، لقد أظهر منذ صباه استعداده المتميّز للعلم و التصوّف.

بعد أن أنهى ما يمكنه أن يتلقّاه من التعليم بالمنطقة خاصّة بفيقيق و الشلاّلة (قرآن، حديث، سيرة،نحو،فقه) ذهب إلى قرية بني راشد ـ حسب المناقب التي تتصف بالخلط و عدم التنظيم والمملوءة بالمفارقات التاريخية ـ هي قرية بالغرب الجزائري أصبحت بفضل الإشراق الفكري لِواحدٍ من أكبر الصوفية الجزائريين آنذاك هو سيدي أحمد بن يوسف المعروف باسم‘‘الملياني‘‘ (صاحب مليانة) و الراشدي (أي من أصل بني راشد).هذا الإمام الصوفي المغربي كان قطب إشراق للطريقة الشاذلية في شمال إفريقيا و يستحقّ أن نفتح له قوسا لكي نعرّج على الدور الفعّال الّذي قام به في ذلك الوقت

من هو شيخ سيدي سليمان بن بوسماحة ؟

هو أبو العبّاس أحمد بن يوسف الملياني الراشدي ، نشر تعليمه في بني راشد. أمّا فيما يخصّ تاريخ ميلاده و وفاته كما هي الحال عند جميع الشخصيات التاريخية بشمال افرقيا يوجد الكثير من التردّد. بعض الوثائق تشير الى ان تاريخ وفاته كان سنة 931هـ/1527م. أمّا الناصري صاحب كتاب الاستقصاء فيشير الى سنة 927 هـ/1521م. و مهما يكن من أمر فإنّ الشيخ أحمد بن يوسف كان له تأثير متميّز بعمقه في المغرب العربي بالأمس و حتى اليوم. لقد ذكر في‘‘الياقوتة ‘‘ (منظومة سيدي الشيخ) حيث سنرجع اليه في شرحها و التعليق عليها. ولكن الجدير بالذكر هنا هو أنّ دروس هذا الشيخ الشاذلي الكبير كانت متبعة من طرف المئات (بعض المخطوطات تذكر الآلاف) من التلاميذ القادمين من جميع الآفاق خاصّة الجزائر والمغرب.

و قد انبثقت من شهرته و تعليمه عدة طرق شاذلية أسّسها تلامذته المباشرون ثم تلامذة تلامذته.وهذا نفسه وقع للطريقة النصرية التي أسّسها الشيخ محمد بن ناصر الضراعي في أقصى جنوب المغرب ، توفّي في تامقروت سنة 1080هـ/1669م ، والطريقة الغازية التي أسّسها أبوالحسن الغازي في واد الضراع بالمغرب سنة 932هـ/1526م ، و الطريقة الشابية التي أسسها أحمد بن مخلوف في تاريخ لم نتمكن من تحديده ،والطريقة الطيبية التي أسسها مولاي عبدالله الشريف (متوفي سنة 1278هـ/1879م) التي أصبحت مشعّة بفضل حفيده مولاي الطيّب الذي سمّيت الطريقة باسمه في وازّان و هي مدينة صغيرة تقع في جبل وازّان على بعد 150كلم جنوب غرب طنجة ،و الطريقة الحنصلية نسبة للدرويش سعيد بن يوسف الحنصلي من بني مطير جنوب فاس (توفي سنة 1114هـ/1702م) ، و الطريقة الزيانية التي أسست في منتصف القرن 11 الهجري (17ميلادي) في قنادسة قرب بشار من الحاج محمد بن عبد الرحمن سنة 1016هـ/1608م و هو الذي نظم حماية قصور توات وقورارة ضد سطو التوارق . و الطريقة الدرقاوية التي أسسها مولاي العربي الدرقاوي من بني زروال من أجزاء درقاوة ، توفي سنة 1238هـ/1823م في بوبريش شمال فاس ، والطريقة المدنية التي أسسها محمد بن حمزة المدني حوالي سنة 1235هـ/1820م و توفي في تاريخ غير محدد بمدينة مسراتة (ليبيا). من بين هذه الطرق التي يرجع أصلها الفكري بصفة مباشرة أوغير مباشرة إلى سيدي أحمد بن يوسف ،توجد الطريقة الأكثر شهرة و بدون منازع ألا وهي الطريقة الشيخية التي أسسها الشيخ عبد القادر بن محمد الملقّب سيدي الشيخ (أي الشيخ على الإطلاق) ومنها يتصل أتباع من أتقى المحاربين هم" المكاحلية" الذين هم اليوم في بئر النسيان.

توجد رواية مذكورة في كثير من المخطوطات تخبرنا أنه جمع يوما مريديه حول منزل مهجور و قد أخذ في يده سكينا و أظهره لهم قائلا:‘‘ إنّ الله قد أمرني هذه الليلة في المنام بأن أضحّي بعشرين رجلا منكم لكي يجنّبكم مصيبة كبيرة يمكن أن تقع علينا وعلى كلّ البلاد..أعرف أنّكم أوفياء لي و أنّ ثقتكم بي كبيرةٌ ، لا أريد أن أرغم أي واحد منكم، فالّذين يحبون الله القريب ، ويحبّونني يأتون و يمدّون لي رقابهم لكي أضحي بهم: ‘‘ لكن سرعان ما وجد الفراغ حوله؟ إنّ مريديه الأوفياء الأتقياء قد اختفوا إلاّ سبعة منهم أجاب كلّ منهم:" ها أنا ذا يا سيّدي !" من بين هؤلاء السبعة المرشحين للأضحيةـ أو المذابيح ـ كان ه*** بالتحديد جدّ سيدي الشيخ :سليمان ابن أبي سماحة.

لم يكن ذلك إلاّ امتحانا تخيّله الشيخ أحمد بن يوسف الّذي كان عليه أن يهب سرّ الطريقة ، ويتطلّع إلى روح التضحية و الإخلاص لدى مريديه لكي يصوّب اختياره .

سليمان بن أبي سماحة كان أول من قال:" ها أنا ذا" قابلا أن يخضع لامتحان البرهان الّذي فرضه شيخه الملقّن، فأعطى بذلك دليل إخلاصه و عزمه المملوء بالثقة في الطريق الّذي هداه الله إليه. المناقب تزيد : "طاعته و إخلاصه و تقواه العميقة التي أظهرها طيلة حياته كان لا بدّ أن تظهر في ذرّيته.إنّه كان سيّد الطريقة التي جعلت جدارة و استحقاق البوبكرية واضحة ، ورفعت علمهم عاليا".

لقد ترك شيخه وهو مزوّد بمنصب "مقدّم" للشاذلية و رجع الى مسقط رأسه حيث تفرّغ لتعليم العلوم الدينية .

مخطوط المناقب يزيد:" في فيقيق تكفّل بأن يعمل على تعليم الناس لهدايتهم الى الطريق المستقيم.." لاحظت في إحدى التراجم المخصصة له أنه كان يُعَدّ من أحسن الرواة، ثمّ زاد أنه كان يروي الحديث كالآتي:"هذا حديث قاله من لا ينطق عن الهوى ( يعني الرسول صلى الله عليه و سلّم) في اليوم الفلاني ، والحديث الفلاني نطق به في اليوم الفلاني، و الحديث الفلاني قاله وهو(ص) في هيئة حسنة،والحديث الفلاني قاله وهو في حالة غضب،و الحديث الفلاني قاله وهو قائم، والحديث الفلاني قاله وهو جالس،و الحديث الفلاني قاله و هو مضطجع على جنبه الشريف، و الحديث الفلاني قاله وهو في بيت زوجه عائشة و الحديث الآخر في بيت ميمونة والآخر عندما كان في المدينة و الآخر في البادية و الآخر في الليل والآخر في وضح النهار… إلخ. و هذا كلّه يبين قوّة ذاكرته و جهده (لكي يحصل على كلّ هذه المعارف رضي الله عنه). ولقد ألف بعض الكتب مثل: ( الأسئلة الكتابية و الأجوبة السماحية) كما ألّف كتبا أخرى في الإلهيات و النحو ، يزيد المؤلف أن :"ابن مريم الملاتي منحه كتابا في الكلام ".

لقد توفي سنة 1011هـ/1603م.و يمرّ مؤلف المخطوط مر الكرام على بعض مراحل حياته :" لقد زار مواضع كثيرة في شمال افريقيا ثم في الأندلس ليتابع في غرناطة دروسا عن الفقهاء المشاهير أمثال الشيخ المَوَاق (من شرّاح سيدي خليل) وابن الأرضون والسبكي وابن فارس …إلخ".

المخطوط يزيد :" سليمان أبو دواية بن أبي سماحة ترك غرناطة قبل أن يستولي عليها الإسبان ، أي في اليوم الثاني من ربيع الأول سنة 877هـ"

و من الملاحظ أن هذا التاريخ ليس صحيحا لأنّ سقوط غرناطة في يد الإسبان ومعاهدة "القدّيسة في" Sante Fe يعود تاريخها الى سنة 897هـ/1492م .و مهما يكن فإنّه التجأ إلى فاس حيث كلّف بالتدريس في جامع القرويين المشهور ؛هذا التكليف الذي تحمّله مدة 7سنوات ـ كما هو في نفس المخطوط ـ . ثم غادر عاصمة بني وطّاس و هي في كامل تأجّجها لكي يرجع الى موطنه الأصلي .

بعد بضع سنوات الدراسة و التأمّل غادر قرية الشلالة الظهرانية(الشمالية) لكي يعيش في العزلة.‘‘ لقد نصب خيمته قرب عين اشتراها من المسمى أبو صالح حجري من قبيلة بني عامر بثمن 500 دينار ذهبي ‘‘.هذه العين ما زالت موجودة تحت اسم عوينات بودواية قرب جبل زتام غير بعيد عن الشلالة. "و لقد أنتج فيها بعض المواد (خضر و حبوب) من عمل يده ، متفرغا الى حياة الورع و الزهد الى أن كشف الله له الأسرارالتي تمكنه من بلوغ أعلى درجات الصوفية ".

" توفي وعمره 80 سنة (940هـ/1532م) في بني ونّيف حيث بنيت قبته الموقّرة وزاويته التي تستقبل العديد من طلبة العلم و الزوار".

حسب الوثائق التي نمتلكها ـ هي التي ولد فيها حفيده سيدي الشيخ . لقد ترك عند موته ثلاثة أولاد و بنت واحدة، منهم محمد بن سليمان (أبو سيدي الشيخ) الذي درس العلوم و القراءات القرآنية تحت إدارة شيخه عبد الجبار بفيقيق.. والعالم سيدي الحاج بن عامر أيضا.."

ابنه الثاني سيدي أحمد المجدوب توفي في جوّ قدسيّ بقرية عسلة حيث شيدت على ضريحه قبّة (ودفن في الشلالة الظهرانية ..) أحفاده يحتفظون دائما ببعض الاستقلالية عن أولاد سيدي الشيخ.

أما ابنه الثالث لعرج فليس ه*** أي شيء يذكر بخصوصه من طرف المخطوطات التي تشير في المقابل الى تقوى ابنته صفية مولاة قرية صفيصيفة قرب عين الصفراء، و قبيلة أولاد نهار تأخذ أصلها من صفية ، وقد وقع بينهم وبين أولاد سيدي الشيخ سوء تفاهم عنيف فرّق بينهم ..

سيدي محمد بن سليمان كرس حياته دون لمعان مترحّلا في مناطق الرعي الموجودة بين القرى الحالية : سيدي الحاج بن عامر و الشلالة واربوات . ومن الملاحظ أنّ قرية الأبيض سيدي الشيخ لم تكن موجودة آنذاك ، إنما كانت توجد قرية بربرية تسمى مشاقين على بعد 35 كلم شمال غرب الأبيض في ناحية تافرحيت قرب شعاب خناق واد الصم ،حيث ما زالت توجد بها أطلال و مقبرة. و لا توجد أيّة وثيقة ممّا نمتلك تشير إلى هذه القرية،والرواية الشفهية وحدها تحتفظ بها كذكرى. ويمكن للحفريات أن تعطي ـ بدون شك ـ معلومات حول ماضيها الوثني، و من المحتمل أن تكون هذه المنطقة قد عرفت حقبة زاخرة في فترة ما قبل التاريخ حسب الجثوات (الكراكير) العديدة الموجودة في مختلف هذه النواحي.

إذن ما هي الوضعية التاريخية و السياسية في شمال إفريقيا ؟

إنّها متميزة بتيار قوي للصوفية موازية للتيار الروحي الذي كان يهبّ على أوربا المسيحية من جهة، ومن جهة أخرى التأثير الكبير للطرق الدينية مع زواياها والمخافر المقواة على طول الشواطئ (الرباط) تحسبا لأيّ هجوم، و عدم الاستقرار السياسي و استرجاع روح المقاتلين و حدّتهم في الحروب الصليبية التي نقلت ميدان المعركة من الشرق الأدنى إلى شمال إفريقيا .

في هذا الجو التاريخي نشأ سيدي الشيخ الذي كان حسب مترجميه منذ ولادته يتميّز بطابع القداسة. إن كراماته تملأ مناقبه. و لن نتطرّق في هذه الدراسة إلاّ إلى الأعمال التاريخية المحضة، تاركين لمن يهمّهم أمر هذه المسألة من هذا الجانب (الذي لا يجب إهماله) أن يرجعوا إلى هذه الأعمال وإلى الروايات الشفهية المحلية.

منذ صغر سنّه أظهر استعداداته المتميزة للدراسات الدينية. أثناء تكوينه الفكري تابع الدروس متلقّيا التشجيعات من مختلف شيوخه المحلّيين أمثال الشريف سيدي الحاج بن عامر، مؤسس القرية التي تحمل اسمه ، و من أقرباء أبيه بالمصاهرة ، وأمثال الشيخ عبد الجبار بالقصر الصغير الشلالة الظهرانية من نفس المنطقة ،والشيخ موسى الحسن الكرزاز مؤسس فرع من الشاذلية الكرزازية مركزها الواحة التي تحمل نفس الاسم ، و الموجودة بطريق بشار إلى قورارة.لكنّ شيخها الأوليّ الملقّن للشاذلية كان الشيخ محمد بن عبدالرحمن من قريةالسهلي.

المخطوطات لا تقدم أية دقّة حول وصول سيدي الشيخ الى زاوية السهلي ،و لا حول مدة دراسته تحت إشراف شيخه هذا بالذات،الّذي يظهر أنّه ليس صوفيا حقيقيا فحسب بل هو شيخ الصوفية على ضوء ما احتفظت به الرواية الشفهية و ما يمكن استخراجه من مناقب سيدي الشيخ ،كان متعلقا بمتاع الدنيا:يغار من تفوّق تلاميذه و يفرض عليهم أتاوى و على سيدي الشيخ بالذات مرتّبا سنويا (خادم سوداء و زربية و ناقة بيضاء).هو نفسه أخذ تكوينه الصوفي على يد الشيخ الشاذلي الكبير أبو العباس أحمد الملياني، فمرجعيته غير مباشرة لأنّ رواية المناقب التي ترجعه الى الشيخ الملياني هو نفسه تظهر لنا غير منطقية نظرا للفارق الزمني. طيلة حياته الصوفية كان سيدي الشيخ يكنّ له وفاء و إجلالا عميقين. في حين أن الشيخ عبد الرحمن السهلي يظهرـ حسب المناقب ـ أنّه كان ذا طباع صعبة وطلباته لا يمكن تحمّلها.أما فيما يخصّ أصله فإنّ المخطوطات فيها خلط.تقول أن أصله من السهلي حيث يوجد اليوم قبره و زاويته، لكن نجد في المناقب ـ أيضا ـ أنه يوجد المسمى محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر السخوني إلاّ أن هذه العلاقة العرقية تذكرنا بحيّ في فيقيق : السهلي هذا ألا يكون فيقيقيا؟ مهما يكن فإنّ مقارنة المخطوطات التي نمتلكها و تسلسل الأحداث التاريخية و شهادة العياشي (كتاب الرحلة ج2 ـ ص421) فإنّ شيخ سيدي الشيخ: محمد بن عبد الرحمن المتوفى سنة 990هـ/1582م بالسهلي هو ليس تلميذا مباشرا للشيخ الصوفي أحمد بن يوسف الملياني و إنّما هو تلميذ تلميذه الفيلالي علي بن عبد الله.

هذه التفاصيل والاستطرادات ليست بالحشو الزائد و لكنّ هدفنا من ذكرها يكمن في استخراج المادّة الجوهرية من المخطوطات (و هي صعبة القراءة،كثيرة النقصان و الهفوات،غير منظمة،فارغة من الناحية التاريخية،مطنبة عندما يتعلّق الأمر بالروايات الغريبة)، لكي نجعل حياة ولي الصحراء ـ بين الرحّل و في وقت حاسم من تاريخ المغرب العربي ـ واضحة قدر المستطاع .

دراساته في السهلي انتهت (دراسات نظرية) فغادر شيخه في تاريخ غير محدد لكي يرجع الى بلده و يتابع دعوته الصوفية .

فبعد أن أخذ الإذن من شيخه، غادر السهلي و ذهب الى الجنوب الغربي الجزائري حيث أنه استقرّ أولا في مغرار التحتاني غير بعيد عن العين الصفراء و لكنّه وجد هذا المكان معزولا فأعرض عن مشروع إنشاء زاوية به.فغادره لكي يجرب تحقيق مشروعه عند حميان بالمشرية أولا ثم عين ماضي ثم تاسّلة ، توات ، فيقيق:هذه الواحة التي كانت تتمتع بالإزدهار الاقتصادي و بانطلاقة كبرى لمركزها للتعليم الديني المعتدل، هذا ما جلبه إليها على الخصوص.لكنّ العقلية البربرية و عداوة فقهائها للصوفية حطمت أمله . غادر فيقيق إذن قائلا:" إذا أراد أيّ وليّ أن يمتحن صبره على الأذى فليعش مع أهل فيقيق" (اللي قال أنا وليّ يعاشر أهل فيقيق !).

غادر فيقيق عابرا واد الناموس مرورا بملك سليمان و هي قرية وثنية، فهدمها واستقرّ أخيرا في الحاسي الأبيض الّذي أصبح منذ ذلك الحين يسمى الأبيض ، أنشأ الزاوية الأم التي لم تلبث أن غطّت مساحة واسعة بفضل " المقاديم" الّذين كوّنهم لدرجة أنه بعث بأحدهم يمثل طريقته في الجزائر العاصمة .قائمة هؤلاء المقاديم مع الأماكن التي كانوا يمثلون فيها طريقة سيدي الشيخ أو الشيخية و التي هي فرع من الشاذلية موجودة في المناقب. الشيخية تتصل بالشاذلية بواسطة سلسلة الذهب التي تتنوّع من كاتب لآخر و لكنّ أصالتها و شرعيتها قد صحّحها سيدي الشيخ نفسه في الياقوتة . الاختلافات الطفيفة الموجودة بين الشاذلية و الشيخية تمسّ تلاوة الوظيفة التي تتبع الصلوات المكتوبة و النوافل عند الشروق و الغروب.

من هم زوجات سيدي الشيخ ؟

كان لسيدي الشيخ في حياته عدّة زوجات منهن واحدة مسيحية و آخرتهنّ عائشة بنت عبّو (تحريف لعبد الله أو عبد الإله) دفنت فيما تبقّى من منزل سيدي الشيخ في القصر الغربي غير بعيد من المسجد العتيق الّذي بني من طرف ولي صحراوي منذ بداية رسالته.

بينما الصوفية تقدم أولا التقشف و العزلة و الزهد في العالم الدنيوي ،و الصلاة والأذكار والنداء المستمر للرعاية الإلهية والتفكر.. بدأت إذن لديه فترة العزلة في الأماكن الخالية بعيدا عن العالم وأوهامه وتناقضاته وتفككه و سخفه الظاهر .

سُجلت التجربة الصوفية لسيدي الشيخ في إطار الطريقة الشاذلية، بينما طريقة الشيخ أبي الحسن (المتوفى656 هـ/1258م) كما نعرفها حسب الكتابات القليلة التي تركها لنا هو نفسه وأتباع فكرته مثل أبي العباس المرسي وابن عطاء الله ،هي رائعة نظرا لوفائها للرأي المستقيم، كما أنها تعتبر ـ مع طريقة الشيخ عبد القادر الجيلاني ـ الأقدم و الأوفق للقرآن و السنة. لقد سجلها في كتابه أبو حامد الغزالي و المكي في"قوت القلوب "حيث تنبعث منها مجموعة من مبادئ وقواعد التقشف من أهمها:الثقة المطلقة في الله و التوكل عليه و الإتّباع الحرفي للفرائض في القرآن و السنة ،والورع والاستعانة والبحث عن الفضل واللطف والخشوع والزهد والأذكار الدائمة وتلاوة الأوراد وحب الله والإخلاص والطاعة وتقرب العبد إلى ربه ليصل الى المعرفة واللقاء بفضل الرياضة الروحية للاقتراب من الكمال و الترنم الداخلي (لعله يقصد الدندنة كما في الحديث..).هذه الرياضات المتسلسلة على مراحل في أوقات مناسبة والمصحوبة بالسكر الفائق و الجذب وفقدان الحواسّ والإرادة من طرف المرشح الطموح.هذا النوع من الفناء يؤدّي إلى الإحياء في الله بروح وحساسية جديدين، انصهار إرادة المخلوق في إرادة الخالق بعيدة عن الرهبنة(Monisme) التي يدّعيها بعض الصوفية الضالة،لأنه لا يوجد شيء أو أحد يساوي أو يختلط أو يتقارن مع الله تعالى في الغيب و مطلق وحدانيته (ارجع إلى سورة الإخلاص 112).

الشيء الذي يحتسب حسب تعليم الشيخ الشاذلي وبعده سيدي الشيخ هو التديّن الحقيقي وليس الاصطناع والتكلف ولا التفاخر. في هذا الصدد ليس للصوفية الحق في إظهار تقشّفهم في الملابس البالية والمقطّعة والمرقّعّة ولا ان يظهروا متسخين وقذرين ، إنّ التسول وطلب الشفقة من الآخرين هما في ذاتهما محتقران واكثر مقتا من تعلّق الأغنياء والحكام بالحياة الدنيا .

بدل أن يكون له مظهر خارجي يوحي للناس :" أن انظروا إلى حالنا المزرية،إنّنا نحتاج إليكم.." فإنّ الصوفي الحقيقي يجب أن يعمل و يعيش محترما بعمله، ويلبس ثيابا لائقة أو حتى فاخرة لكي يظهر لأشباهه: "أن انظروا إلى ثيابنا،نحن لا نحتاج إليكم ولا لإسعافكم لنا..".

إن النجدة والإسعاف الحقيقيين للصوفي قد تكفلهما له الله تعالى معبوده ومحبوبه الذي يوجه اليه توسلاته.

هذه الوسيلة التي يجب ان يعبر عنها ليلا و نهارا ،و لكي يغالب النوم فإن الوسائل المصطنعة يجوز استعمالها وخاصة القهوة البنّ التي منذ ظهورها (القرن7هـ/13م)أصبحت مشروبا شاذليا.

لكي تكون مطابقة للسنة و موافقة للصوفية الشاذلية فإن الطريقة التي أسسها سيدي الشيخ لا تظهر مختلفة كثيرا عن الخطوط الأصيلة .

أثناء الحضرة و الذكر لا يجوز استعمال أي شيء للاستعانة به، لا موسيقى بالآلات و لا رقص ..إلخ. كل ذلك مرفوض من الطقوس والشعائر. و ه*** أصالة أخرى: أهمية الخلوة المناسبة للتفكر و استخلاص الروح مع الله. الرواية الشفهية والأشعار الشعبية والمناقب تعترف له بـ 110 خلوات في الواد الغربي و واد الناموس وعبر الناحية الوسطى لجبال الأطلس الصحراوي (كسال وبونقطة وعنتر) وفي الكهوف وقرب المقابر المهجورة وفي الدهاليز.. (انظرالمناقب ص 16،18،23،48،85 إلخ..).

ان دراسة منظومته الصوفية الياقوتة تمكّننا من استخراج خصوصيات أخرى مهمة.لكن نفس المنظومة تلحّ على الناحية العقائدية و حول قضية القدرية لله ، وحول العفو والعقوبة، وحول الخير والشر،إنّها مواضيع تفَكر سيدي الشيخ بدون شك أثناء عزلته من خلوة الى خلوة ( 5 سنوات و5 أشهر و5 أيام حسب المناقب ص 18و4..

كل عمل محرم يعتبر معصية لله الأبدي يلبّس صاحبه خطورة كبرى. كل الناس معرّضون للطرد من النجاة إن لم تلحقه رحمة الله في صرامته، عقابه عدل، وجزاؤه فضل. كما أنّه يحرم اليأس من رحمة الله، والكل يؤدي إلى قضية الرضا ..

الورع الجيد يؤدي الى استحقاق رضا الله الذي هو حر في قبول أو رفض برّ مخلوقاته، لأنه لا أحد يدعي أنه يملك بأيّ سبب كان أيَّ حق على الله.

الصلاة والصوم والثقة والتوسل تخلق استحقاقات للعبد الوفي أن ينال الرضا و لكن ذلك ليس إجبارا في حق الله أن يجازيهم. إن طاعة الله وعبادته ليستا مشروطتين، و عفوه يرجع إلى محض اختياره. لا شيء يربط الله بالناس خارج حلمه و رحمته و رأفته التي كتبها على نفسه. إنّه لمن الضلال البعيد أن نضع العلاقة بين الخالق والمخلوق في زاوية العدل. إن العدل كما هو معروف عند الناس هو عدل بشري له علاقة بالميزان البشري أي يحكم بالظاهر الخارجي لا بالحقيقة و العمق الداخلي.وإنه لا يجب أن يتداخل ذلك مع العدل الإلهي المتدفق من اللامعروف (المجهول) في المقياس الإلهي .

من ذلك فإنّ الطريقة التي تؤدّي إلى رضا الله و التي اتّبعها أهل السلوك طريقة اكتشفها الصوفية المتعطشون الى الله و الذين هم أهل لأن يكونوا قدوة للذين يجهدون أنفسهم لأن يلحقوا بهم عن طريق اختبار الألم في " الحقول التي تنبت الأدوية "، لأحباب الله الذين تيقنوا أن الحب لا معنى له إلا إذا صاحبته التضحيات . إرادة العاشق يجب أن تكون جهدا مستمرا ليخرج من أنانيته و يقترب من الكمال و يكون أهلا للحب و ينكر ذاته حتى يستبعد كل تبادل تجاري أو فكرة احراز »المناصب الجيدة الدنيوية «و »العلاقات الجيدة في الحياة المستقبلية الدنيوي «.

سيدي الشيخ يعلن في الياقوتة ان تقواه تفيض بالفضل الذي وهبه الله اياه . ليس الخوف من النار ولا الطمع في نعيم الجنة هما اساس صلاته و صيامه وحصراته وسهره و زهده في الدنيا، و ذكره في الوحدة .

إنّه يحب الله دون أن يفكر في الجنة ولا في النار ولكن لله و بالله فحسب. يمكننا ان نجد في المناقب هذا التوكيد على الترفع و العفة و تقواه الداخلي :" إنّ الله ينظر الى قلوبكم" " أقلّ الرجال أدبا مع الله من يعبد الله خوفا من النار أو طمعا في الجنة " (ص 13،34،35).هذا الحب يكون ناقصا اذا لم يضم في أول انطلاقه نموّه واختبارَه ، هذا الحب نفسه الّذي من شأنه أن يكشف عن الأصل و الهدف: محمد رسول الله وآله وصحبه( صلى الله عليه وعلى آله و صحبه وسلم). كما نكرر أن الطريقة التي رسمها سيدي الشيخ مثلها مثل الشاذلية تقع في إطار القرآن والسنة اللذين بدونهما كل عبادة تصبح ضالّة عن هدفها و عن اتّجاهها ، ضلال روحي وهذيان في الألفاظ .

طريقته هذه تستند الى الشهادة التي يجب على المريد أن يتعمق في معناها الظاهري و في حقيقتها الخفية، ويخضع لمتطلباتها والعواقب الناتجة عنها، يعيش محتواها بالحركة والفكر "لا إله إلاّ الله " . عندما يتفهم المريد الشهادة جيّدا و يعيشها تصبح بالنسبة اليه عنصره و محور حياته، تنمّي فيه الحب و تقوده الى الكشف عن الأسرار و نشوة لقاء الله تعالى.

يجب على المريد أن يرددها حسب الدرجة التي توصل اليها عبر اتّباعه للطريق:12ألفا إلى30 ألف و حتى الى 60 ألف مرة في اليوم.

ينتقل في ابتهالاته وتوسلاته من ذكر اللسان إلى ذكرالقلب الى ذكر العقل الى ذكر السر.

التأكّد الجازم من وحدانية وتفوّق الله في قدرته وعلمه المطلقين ومشيئته وكماله و حلمه و رحمته، كل ذلك يجد بيانه في هذا الركن الأول من أركان الإسلام : الشهادة، شهادة الإيمان . و إنّ صيغتها المرددة دون ملل و التي يسندها التنفس والحركة المنتظمة للجسم المتفرغ لها تفتح أمامه آفاقا لامتناهية .

"لا" :نفي مطلق ـ " إله": ألوهية ( الآلهة الكاذبة ، و كل ما يمكن أن يُعبَد كالغنى أو شخص محبوب أو محاولات شيطانية ) ـ " إلاّ ": استثناء يترك الأمل يطلّ ـ " الله ": بداية ونهاية كل شيء و الّذي بدونه كل شيء عدم ، منه يأتي كل موجود و إليه يرجع الخلق كله .

عندما ننطق بالشهادة نرسم بالجسم حركة دائرية من اليسار الى اليمين :الدرجة صفر في بداية الإنحاء ؛90 درجة من الدائرة يرسمها الرأس والصدر ؛ 180 درجة عندما يكون الرأس مواليا للأرض؛ 270 درجة عندما يرسم الصدر و الرأس منحنى آخر ب 90 درجة والرجوع الى الوضعية الأولى ؛ و بعد رسم منحنى جديد ب90 درجة نحصل في النهاية على 360 درجة في المجموع. هذه الدائرة و العدد 8 والسبحة المزودة بحبة مرجان ستكون كلها مفاتيح المعرفة الصوفية كرموز سرية و هي معروفة فقط من طرف شيخ الطريقة.

الأهمية التي تكتسيها عبارة الشهادة في طريقة سيدي الشيخ كبيرة حيث أنه أثناءحصص الترتيل الجماعي التي يترنم فيها الأتباعُ الياقوتةََ و الجلالة (وهي نظم آخر) ، تستعمل الشهادة كمطلع لازم بعد كلّ بيتين أثناء تلاوتهم.

إن الطريقة الصوفية التي رسمها سيدي الشيخ قد عرفت شهرة واسعة نظرا لأنها مستنبطة من القرآن والحديث والطريقة الشاذلية . هذه الشهرة التي تحققت ظاهرة في حياته بين الرُحّل خاصة الذين ينتمي إليهم وعاش بينهم فكانوا يحبونه ويوقرونه (المناقب ص 45،4 .

مترجموه يحفّونه بهالة من الغرائب كما هو الحال بالنسبة لجميع مؤرخي القديسين (المناقب ص 1-36-40-56-70-85-91-107-114-193 ألخ… ) أغلب هذه العجائب (المعجزات أو الكرمات ) تتعلق بطلبات وأدعية لسيدي الشيخ إستجاب الله له لصالح المحرومين الرحل في بؤسهم ومصائبهم المادية ومجاعتهم وقلة الأمطار والظلم الذي كانوا يقاسونه والبطش الذي كان يصيبهم ظلما ( المناقب ص 22 إلى 27 إلخ…)

المناقب تُظهِر أيضا كثيرا من مظاهره الخارجية ومن طبعه. حسب هذه الوثيقة إنه كان في تجارة جيدة مع الوضيعين أي المستضعفين و رجال العلم ومع أحفاد الرسول صلى الله عليه وسلم (ص23 و24) مليء بالرأفة لضعف معاصريه، متشددا مع نفسه، متواضع، يعشق العزلة ويظهر في كل أحواله تقوى مؤثرة (ص12-22)، كرمه كان مثاليا (ص11-8-13-22) ، كان علمه واسعا وعميقا: أصبح شيخا لا يضاهى في علم الحديث (ص36-76). الياقوتة تشهد على بقية اتساع معارفه في ميدان العلوم الدينية واللغة العربية والطرق الصوفية، إلخ…

حول مظهره الخارجي و ملبسه فإن المناقب تخبرنا أنه كان جميلا جدا يرتدي ملابس فاخرة وأسلحة ثمينة (ص13-22-23-85) في حين أنه بالنسبة للصوفي العادي يكون ملبسه وبصفة عامة مظهره الخارجي يشهد على الفقر التام طبقا لقواعد التقشف ، وهذه واحدة من الشروط الأساسية لكل صوفي متفهم .لكن هذا الشرط غير مقبول في الطريق الشاذلية بصفة عامة كما أشرنا إليها فيما سيأتي وذلك لسببين :

السبب الأول : هو أن الكثير من الصوفيين المزورين يظنون أن ارتداء الخرقة هو علامة كافية لكي يعتبره العوام من أولياء الله . الشاذلية ترفض النظرية القائلة ( أن الملبس يصنع القديس) أي الولي.

السبب الثاني : هو أن عند الشاذلية المظهر الخارجي الجميل يعتبر تحديا.

كما تنص عليه طريقتهم : بالملبس الحسن يجب أن تُظهِر للناس أنّ الصوفي الحقيقي لا ينتظر شيئا من أحد و لا يطلب شيئا من أشباهه. ينتظر كل شيء من الله هو وحده معينه و مساعده ،كما تشير إليه علامات أحواله الخارجية.

لما اشتهر بتقواه و شجاعته في المعارك ضد الإسبان الذين تمركزوا بوهران، و بعلمه العميق، كان يستشار في بعض أمور الدين. نعرف أن مع موت السلطان أحمد المنصور الذهبي الذي كان له نحو سيدي الشيخ تقدير كبير، أخذ ابنه الأكبر زيدان السلطة التي نازعه فيها أخواه أبوفارس و المأمون. لقد أشارت المناقب إلى هذا الاقتتال بين الإخوة) المخطوط ب :ص(81. 80. 72. 44. 13. 12 و كذلك إلى نص الفتوى التي أصدرها سيدي الشيخ التماسا من السلطان زيدان، و التي يرجع تاريخها إلى ربيع الثاني 1016هـ/جويلية 1606م هذا التقدير من طرف السلطان زيدان كان سببا في الحقد الشرس الذي رصده له أحد الدساسين في عصره و هو ابومهلّي الذي سنرجع إليه.

من جانبهم فإن أتراك تلمسان كانوا يجلّونه و يقدمون له الهبات دليلا على ولائهم له. من هذه الهبات نشير إلى امرأة مسيحية أسيرة تحمل اسما عربيا هو الياقوت، و التي تزوّج بها، و منها انحدر أحفاد ابنها الحاج احمد. بعض أصحاب المقامات العالية ( الأشراف ) اعتنقوا طريقته. كان الأتراك يكنون له الإعجاب و التقدير ليس فقط من أجل قداسته و لكن أيضا من أجل مشاركته في الجهاد ضد الكفّار الذين تمركزوا بصفة متينة في وهران و تونس.

إنّ الطرق الصوفية ـ و منها الشيخية ـ هي الّتي من وهران مسرحا للمعارك المتتالية من أجل طرد الإسبان.

لكن كما يقول المثل القديم لا يوجد نجاح دون حاسد .و وراء كل نعمة حسود . فإذا كان لسيدي الشيخ أصحاب أوفياء بل و مثاليون فقد كان له أيضا أعداء محلّفون . يقول صلي الله عليه وسلم : '' مامن نعمة إلاّ عليها حسود '' هذا الحسد لايمكن أن يأتي بطبيعة الحال إلاّ من قبل الفقهاء .

بين الفقهاء المدقّقين في أمور العقيدة والمعادين لكل معرفة باطنية(الباطن) ، وبين الصوفية الذين يرفضون دائما ارجاع الدين إلي التفسيرات الظاهرية (الظاهر) يوجد دائما ـ بينهم ـ معارك و نزاعات تُناقِض بين المعرفة العقلية و"المعرفة" الحدسية المصرّفة من قبل الله تعالى وذلك منذ بداية القرن الثاني الهجري ـ الثامن الميلادي . جدال فتّان بين أبطاله و شهدائه ، في فتراته المأساوية و الهادئة رغم المصالحة التي أعلنها الإمام الغزالي . إذن لا ننزعج للاتهامات التي رمي بها سيدي الشيخ و طريقته الصوفية حيث كان المغالون يعاملونه كَـ "بدعيّ " . المناقب( م أ ص44.61،72.81 ) و الياقوتة (البيت 74و79) فيهما ردود الأفعال الساخطة لسيدي الشيخ و لَعَنَاتُه العنيفة ضد الذين يشوّهون فكرته و يفترون الكذب علي حياته الخاصة و يعيّرونه ب '' شيطان الرّحّل أو شيخ الأعراب '' ( المناقب ص 114-107-91-85-35 ) .

طريقته كانت هدفا لكثير من الانتقادات الحادة من طرف الحَرْفِيّين الذين كانوا يعيبون عليه بعض المتناقضات التي كان يدافع عن نفسه إزّاءها بيقين و قوّة .

أ- تأخير صلاة العصر .

‌ب - تلقين النساء و قبولهن في النظام الذي أنشأه ( طريقته )

‌ج - التنازل عن الحبوس و الأوقاف في بعض الحالات .

الحماية التي كان يقوم بها – خطأً – لأحد مثيري الفتن الملقّب:العتروس

الرجوع الى المقدمة

حول هذه الشخصية التي هي أشدّ أعداء سيدي الشيخ خداعا ، لابد أن نعطي بعض التفاصيل التاريخية :

إن الأمر يتعلق برجل متهوّر أصله من تافيلالت ، لما رفض الصوفي الشهير أن يخدم أهدافه السياسية أصبح ساخطا. فقام بحملة قدح و تشنيع حقيقية ضد سيدي الشيخ واصفا إياه بأخطر مبتدع ، بِنَقْدٍ لاذع وعنف نادر . من هذه المقالات النقدية توجد إلى الآن مخطوطات محفوظة في المكتبة الملكية بالرباط ( القسطاس – الإصليط – المنجنيق ). عند قراءتها يتبيّن لنا بسرعة أنّه لم يكن يهاجم الطريقة الصوفية التي أنشأها سيدي الشيخ ولكن هاجم حياته الخاصّة لأسباب شخصية كما سنراها فيما بعد .

هذا الرجل الغريب معروف تاريخيا تحت اسم '' أبومحلّي '' ( الرجل صاحب الغمد المحلّى بالفضّة ) . اسمه الحقيقي هو أحمد بن عبد الإله بن قاضي . نشأ في سجلماسة حوالي 967 هـ 1560 م و ينتمي إلى عائلة مرابطية (أومتديّنة) ،قائدها أبوه الذي كان يدرّس القرآن .

بعد إنهاء دراساته القرآنية بعثه أبوه إلى فاس لكي يستكمل تحصيلاته . وفي 979هـ1572 م وصل ه*** وتابع بمسجد العطّارين ـ طيلة ست سنوات ـ الدّروس التي كانت تلقى من طرف الشيخ أبو المحاسن الفاسي ، فقيه شاذلي مناصر للجهاد ضد الحملة الإسبانية البرتغالية التي لم تتوقف من التدفّق على الشواطئ المغربية .

إن وفاة السلطان المنصور السعدي ( 1011هـ 1603 م ) أوقعت المغرب في فوضى كانت تشتدّ يوما بعد يوم حتى التنصيب النهائي للعلويين و دخول مولاي الرشيد منتصرا إلى فاس ( 1070هـ 1668م ) . رغم غياب السلطة المركزية المعترف بها إجماعا فإن الغارات المسيحية القوية و المتتالية كانت تصطدم بردود الأفعال الشعبية التي كان يقوّيها الفقهاء و خاصّة شيوخ الطرق . لذلك أعلن الشيخ أبو المحاسن الفاسي ضد الغزاة معركة دامية توّجت بالنصر المؤزّر في وادي المخازن سنة 986 هـ 1578م المعركة التي شارك فيها الشيخ الفاسي بنفسه و ليس تلميذه الذي تولىّ يوم الزحف ولم يجد إلاّ الوقت الذي يهرب فيه إلى داخل البلاد . ـ ومن المعروف في الإسلام أن التولّي يوم الزحف هو من الكبائرـ . ولما علم أن جريمته هذه لن يغفرها له أهل فاس ، غادر العاصمة متوجّها إلى تافلالت .

طيلة 14سنة كان يهيم على وجهه من قرية إلى قرية يبحث بدون جدوى عن مركز جديد للدراسة . فلم يقبله أي شيخ ضمن تلاميذه نظرا لهروبه عن الجهاد حيث اشتهر بفعلته هذه بسرعة ...

في سنة 1000هـ 1592م فقط قُبِل كطالب علم نظرا لتعنّته من طرف شيخ مجهول يسمى محمد بن مبارك التاستاوتي .هذا الّذي لم يكن يعرف إلاّ القراءة والكتابة جعل نفسه صاحب المعجزات . كان يصاب بالصرع فكان الناس يتخذونه كعّراف مزوّد بقدرة خارقة حيث كانت له علاقة '' بالغيب '' . هذا الشيخ البدوي هو الذي أثرعلى »أبي محلّي « تأثيرا عميقا : وأقنعه أنه سيلقى في طريقه عقبات خطيرة و سيصبح يوما ما سلطانا .

في بلد مضطرب بفوضى أصبحت مستوطنة ، بضعف السلطة المركزية ، و منافسات المعارضين التي كانت تبرز في كل مكان ،والتمرّدات الضريبية ، كل شيء كان ممكنا عند " الحالمين". أصبح أبومحلّي فريسة أطماعه فأقتنع تماما أنه ''مولى الساعة ''، ''المهدي'' المنتظر في السنة الألف الهجرية . لكنه لما علم أن الدين هو القوة الوحيدة في بلده، حاول أن يستعمله مُطْلَقاً لصالحه.و لما لم يكن لا من ذريّة الرسول صلي الله عليه وسلم ( أي شريف ) ولا وريثا شرعيا ولا شيخ طريقة ، فقد حاول ـ ليصل إلى مآربه ـ أن يعيد الإعتبار للمبدأ الشرعي لاستلام السلطة ،فطمع في "الخوارج" لكي يكتسب الشرعية السلطوية لنفسه منهم، حيث يعيَّن القائد حسب أهليته من بين مجموع الأتباع ؛ولِكَوْنِ مهمّته قابلة للنقض، يمكن إذا ما انحرف أن يعزل . إن المعارضة و الثورة (الفتنة)على كل سلطة تبتعد عن الشريعة الإسلامية أو تلجأ إلى الاستبداد تعتبر من طرف الأتباع واجبا ملحّا .

خوفا من مقالاته ومحاولاته للهجوم على السلطان السعدي ،فإن الصوفي البدوي الحذر "التستاوتي" اضطره للرحيل بعيدا عن منزله .

منذ ذلك الوقت في تافيلالت ووادي الساورة بدأت بالنسبة إليه مجموعة من التنقّلات من قرية إلى أخرى أملا في وجود " طريقة " تسانده في نظرياته و في أغراضه الظّلامية . بعد إقامة سريعة في بني عبّاس حيث تزوّج ذهب إلى مكة ليحجّ . وانتهز الفرصة ليدرس أثناء الطريق '' العلوم الخفية '' و العرافة (الجفر) وعند رجوعه عاد إلى سياحته لنفس الهدف : زار مدينته الأصلية مسقط رأسه سجلماسة حيث رفض شيخها المشهور فيها أن يضمنه و هو أبو القاسم بن عبد الجبار، لكنه وجهه إلى "طريقة" زاهرة أسسها بناحية فيقيق أحد الشاذلية ذو صيت واسع هو "الشيخ عبد القادر بن محمد" الذي يمكن أن يكون له ضامنا روحيا . ثم أملى عليه نظمه الذي كان قد انتشر"الياقوتة" .

سرعان ما انتقل إلى فيقيق حيث أخبروه أن الشيخ يترحل قرب قرية صغيرة اسمها "الشلالة" حيث دفن أبوه الوقور سيدي محمد الذي انتشر تأثيره بلا انقطاع في الجزائر و جنوب المغرب وواحات قورارة وتوات و الذي كانت من بين القبائل المنظمّة إلى طريقته: الأغواط ، حميان ، الرزاينة ، الطرافي ، و أخرى ليست أقل منها بالحدود الجزائرية المغربية ( الأنقاد ، بني قيل ، المهاية ، أولاد جرير إلخ ... ) .

انتقل مسرعا إلى الزاوية المتنقّلة حيث استقبل كالعبارة الشائعة عند أهل هذه المنطقة " بضيف ربّي " من جوانب عدّة ،وقد لمس فيه سيدي الشيخ في أول الأمر بعض التعاطف .

أظهر أبومحلّي حماسه للرجل و لطريقته نفاقا، لكي يحصل على سنده الديني . أعلن للسامعين أنه يرى في سيدي الشيخ:"القطب الرباني" و"مولى الساعة" و من فضل الله عليه أن هيّأ له اللقاء معه و الإنضمام إلى مدرسته . لكن سيدي الشيخ لم يخدع بهذا الحماس المجاوز للحدود . في أول تعاطف له تبعه حذر معقول . طلب منه أبو محلّي بتشدّق أن يدافع عنه ضدّ العاهل المتسلّط الّذي لا يعتبر أهلا لأن يكون على رأس أمّة الرسول صلى الله عليه و سلم .

لم يكن يجهل العلاقة الطيبة التي تجمع منذ زمن بعيد بين سيدي الشيخ والسلطان المنصور ثم خليفته زيدان . كان الرفض حاسما، لكنّ أبا محلّي لم يفقد الأمل فحاول ـ لكي يطيّب خاطر سيدي الشيخ أن يحرك ابن هذا الأخير الزروقي ولكن بدون جدوى ،لأنه علم هو أيضا أغراض هذا الدساس الماكر الذي يستعمله لكي يجرّ الطريقة إلى الثورة ضدّ السلطة القائمة .

لقد كان فشله ذريعا ممّا دفعه إلى شنّ حملة قدح و تشنيع ض
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
sidahmed
عضو جديد



عدد الرسائل : 14
العمر : 54
السٌّمعَة : 0
نقاط : 18
تاريخ التسجيل : 03/03/2010

المقالة الكافية عن تاريخ أولاد سيد الشيخ Empty
مُساهمةموضوع: رد: المقالة الكافية عن تاريخ أولاد سيد الشيخ   المقالة الكافية عن تاريخ أولاد سيد الشيخ I_icon_minitimeالأربعاء مارس 03, 2010 6:02 pm

بارك الله فيك أخي الكريم على إتحافنا بهذه المعلومات النيرة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
المقالة الكافية عن تاريخ أولاد سيد الشيخ
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» جذور أولاد سيد الشيخ
» أسباب اندلاع ثورة أولاد سيد الشيخ
» مقاومة ولاد سيد الشيخ
» تاريخ المنتخبات العربية
» أ سيد الشيخ

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مـنـتـديـات الأبـيـض سـيـد الـشـيـخ  :: مدينة الأبيض سيدي الشيخ :: تاريخ وعادات وصور-
انتقل الى: