بسم الله الرحمن الرحيم
السر في فقدان الوزن (المجهول السبب) و كيفية معالجته
مما لا شك فيه أن هناك فرق واضح في بنية الأجسام ما بين الناس , حتى من هم في نفس العمر و الحالة المعيشية , وهذا الأمر يثير التساؤل عند الكثيرين . يعزي الباحثون أسباب ذلك إلى عوامل وراثية, بيئية أو هرمونية . في الحقيقة إن ذلك يعتبر صحيحا و يفسر بعض الحالات و لكن لا يفسر البعض الآخر, حيث وجد أن أكثر الأشخاص الذين يعانون من نقص في الوزن و ليس لديهم أمراض أخرى يعود إلى حالة تصيب المعدة تسمى كسل أو ضعف المعدة.
ما هو تعريف كسل المعدة ؟
كسل المعدة هو عبارة عن شلل نسبي يصيب عضلات المعدة يؤدي إلى سوء هضم الطعام فيها و تأخّر تفريغه إلى الأمعاء الدقيقة . حيث إن هذه الحالة شائعة جدا و مسئولة عن الكثير من شكاوي البطن و ربما تكون السبب الرئيسي في نقص الوزن(المجهول السبب) .
كيف تعمل المعدة ؟
إن المعدة عضو مجوّف يتكون جدارها من العضلات الملساء و تعتبر كوعاء خزن للطعام الذي يطحن فيها إلى قطع صغيرة بواسطة الخضخضة المستمرة الناتجة من تقلصات عضلات المعدة . بعد أن يطحن الطعام بصورة كافية, يفرّغ إلى الأمعاء بشكل دفعات . في الحالة الطبيعية , نصف محتويات المعدة يجب أن تغادرها خلال 90-120 دقيقة بعد الأكل .
هناك منظّم للنبض في المعدة (كالقلب!) يقوم بتنظيم تقلصاتها بمعدل ثلاث مرات في الدقيقة , لذا فان إصابته بخلل ما قد يؤدي إلى كسل المعدة .
ما هي أسباب كسل المعدة ؟
إن أسباب كسل المعدة يمكن تقسيمه إلى :-
أ- أولي أو مجهول السبب : ويشكل الغالبية العظمى من الحالات و هو موضوع الاهتمام في هذا البحث .
ب- ثانوي : عندما يكون هناك سبب أولي مثل :-
1- داء السكري (خاصة النوع الأول المعتمد على الأنسولين).
2- عملية جراحية سابقة للمعدة , مثل قطع العصب المبهم .
3- بعض الحالات النفسية مثل فقدان الشهية العصابي .
4- بعض الأمراض العصبية مثل مرض باركنسون و الجلطة الدماغية .
5- أمراض معينة مثل داء الذئبة الحمراء الشامل و التصلب الجلدي .
6- خلل ايضي مثل نقص هرمون الغدة الدرقية .
7- بعض الأدوية التي تؤخر من تفريغ المعدة مثل الأدوية المضادة للاسيتيل كولين و بعض أدوية الضغط و المخدرات . كما أن هناك أدوية تؤخر عملية الهضم مثل الأدوية المضادة للحموضة .
ما هي أعراض كسل المعدة ؟
تختلف هذه الأعراض تبعا لدرجة كسل المعدة و الشخص نفسه. ففي الحالات البسيطة هناك نقص في الوزن فقط , أما في الحالات المتوسطة فسيشكو المصاب بالإضافة إلى فقدان الوزن من واحدة أو أكثر من الأعراض التالية :-
1- الشعور بالامتلاء بعد الشروع في الأكل بقليل .
2- الشعور بالانتفاخ و عدم راحة في البطن .
3- حرقة في الفؤاد مع تجشؤ .
4- فقدان الشهية .
5- الشعور بالغثيان , خاصة بعد القيام من النوم صباحا .
6- في الحالات الشديدة هناك تقيؤ , خاصة بعد ساعات عديدة من تناول وجبة د سمة و كبيرة .
ما هي مضاعفات كسل المعدة ؟
هناك نوعين من المضاعفات قد ينتج عن هذه الحالة و هي :-
1- تكاثر البكتريا ; الذي يعود إلى تخمّر الغذاء في المعدة .
2 - نادرا, الطعام الذي في المعدة يمكن أن يتحول إلى كتل صلبة و التي بدورها قد تؤدي إلى أعراض خطيرة مثل الغثيان, التقيؤ و انسداد المعدة .
كيف يمكن تشخيص كسل المعدة ؟
من الممكن تشخيصه عن طريق الأعراض لوحدها . أما الأعراض السريرية فيلاحظ وجود سوء تغذية فقط . و يمكن التأكد من هذه الحالة عن طريق إجراء احد الفحوصات التالية :-
1- وجبة الباريوم . بعد الصوم لمدة 12 ساعة , يشرب الشخص سائل ثقيل يدعى الباريوم الذي يبطّن الغشاء الداخلي للمعدة و يجعلها ترى بالأشعة السينية . طبيعيا, يجب أن تفرغ المعدة كافة محتوياتها بعد 12 ساعة من الصوم . فإذا وجد طعام في المعدة فهذا يعني وجود كسل فيها .
2- وجبة الباريوم مع شريحة لحم البقر . إن هذه الوجبة تجعل طبيب الأشعة يرى المعدة وهي تقوم بهضم و تفريغ الوجبة و يحسب الزمن اللازم لذلك , مما يعطيه فكرة عن عمل المعدة .
3- مفراس تفريغ المعدة الإشعاعي . يقوم الشخص بتناول طعام فيه كمية قليلة من مادة مشعة يتم التقاطها من خلال متحسس خاص كي يلاحظ مدة و كمية خروجها من المعدة . عندما يبقى أكثر من نصف هذا الطعام بعد ساعتين من تناوله فان كسل المعدة يمكن تشخيصه .
4- اختبارات المعدة . وهو فحص يقيس الفعاليات الكهربائية و العضلية للمعدة وهذه القياسات تظهر مدى عمل المعدة و هل هناك خلل في تفريغ الطعام .
5- فحوصات الدم . للتعرف على مدى سوء التغذية مثل عدد كريات الدم و الفحوصات الكيميائية الأخرى .
ما هو علاج كسل المعدة ؟
كسل المعدة هو حالة مزمنة , لذا فان علاجه صعب نوعا ما و يجب على الفرد أن يتأقلم مع هذا الوضع . و لكن على اية حال , فان الأعراض يمكن أن تخف و تأثيره يمكن أن يقلل بإتباع ما يلي :-
1- إذا كان كسل المعدة ثانوي , فيجب علاج السبب الأولي .
2- الاستلقاء على الجانب الأيمن عند النوم , فذلك يسهل تفريغ المعدة عن طريق الجاذبية .
3- تجنب لبس الملابس والأحزمة الضيقة لان ذلك يعيق تقلصات المعدة .
4- التعديل الغذائي . يتم من خلال :-
ا- التقليل من الأغذية الدهنية , من المعروف أن الدهن يؤخر عملية الهضم و التفريغ و يضاعفها في بعض الأحيان مما يزيد من الحالة سوءا .
ب- التقليل من الألياف النباتية , مثل الفواكه و الخضراوات الطازجة وغيرها لأنها تحتاج إلى وقت وجهد إضافيين من قبل المعدة فضلا على أن بعضها غير قابل للهضم.
ج- الغذاء المصفّى والسائل , يكون عادة أسهل من حيث الهضم و التفريغ من الغذاء الغير مصفّى والصلب .
د- الوجبات الصغيرة و المتكررة , أفضل من تناول 3 وجبات كبيرة لان ذلك أسهل للمعدة .
5- الأدوية . و تشمل :-
أ- المضادات الحيوية الواسعة الطيف . يجب أن توصف في الأيام القليلة الأولى من العلاج لتقليل تكاثر البكتيريا في المعدة و الأمعاء . مثل التتراسيكلين 250 ملغم ثلاث مرات يوميا .
ب- العوامل المحرّكة . أو تدعى مضادات الغثيان و تستعمل هذه الأدوية لتسريع إفراغ المعدة , لذا يجب أن تعطى قبل الأكل على الأقل بنصف ساعة و كذلك قبل النوم و يفضل على شكل سائل لتسريع امتصاصها وعملها . الأدوية الأكثر استخداما هي :-
1- الميتوكلوبراميد . وهو دواء مفيد لكسل المعدة حيث يعمل على زيادة عدد و قوة تقلصات المعدة مع إرخاء العضلة العاصرة البوابية مما يؤدي إلى زيادة سرعة تفريغ محتويات المعدة . الأعراض الجانبية: تهيج , كآبة و اضطرابات حركية . الجرعة 10-20 ملغم مرتين أو ثلاثة يوميا .
2- الدومبريدون<موتيليوم> . له نفس الفعل أعلاه و نفس الجرعة إلا أن أعراضه الجانبية اقل بكثير .
3- الاريثروميسين . وهو مضاد حيوي معروف و لكنه قادر على عمل تقلصات شديدة و قصيرة الأمد في المعدة إذا اخذ بجرعة اقل من المعتاد مثل حبة واحدة يوميا .
4- السيسبرايد . وهو دواء فعال جدا لهذه الحالة , و لكن لسوء الحظ لديه أعراض جانبية خطيرة مثل اضطرابات في نبضات القلب .
إن الطرق المذكورة آنفا في العلاج يمكن أن تستخدم من قبل أي شخص يشكو من نقصان الوزن مجهول السبب (كمحاولة علاجية) و حتى بدون إجراء أية فحوصات اشعاعية , خصوصا إذا كانت لديه الأعراض ذات الصلة
كيف يمكن أن يستفاد من حالة كسل المعدة في علاج البدانة ؟
يمكن أن يستفيد الذين يعانون زيادة في الوزن من هذه الحالة و تأثيرها في تقليل الوزن من خلال تفعيل هذه الحالة في أجسامهم و ذلك عن طريق عكس الطرق المذكورة سابقا في العلاج . أي :-
1- الاستلقاء على الجانب الأيسر عند النوم .
2- لبس الأحزمة الضيقة و المخصّرات على البطن .
3- التعديل الغذائي , عن طريق أكل الأغذية الغنية بالمواد الدهنية و الألياف النباتية و الطعام الغير مصفّى و الصلب .
4- تعاطي الأدوية المضادة للاسيتايل كولين مثل الانتي سبازمين 10 ملغم ثلاثة مرات يوميا قبل الأكل , والأدوية المضادة للحموضة بعد الأكل .
إذا فشلت هذه الوسائل , فبإمكان الفرد الخضوع لعملية جراحية تؤخّر تفريغ المعدة مثل, استئصال العصب المبهم .
الخلاصة :-
إن كسل المعدة هو حالة شائعة جدا وهو المسئول عن أنواع كثيرة من شكاوي البطن و ربما يكون السبب الرئيسي في نقصان الوزن (المجهول السبب) عند الناس . أما تعريفه فهو شلل نسبي يصيب عضلات المعدة يؤدي إلى سوء هضم للطعام مع تأخير تفريغه إلى الأمعاء . أما أسبابه فالغالبية العظمى منه هو غير معروف لحد الآن , أما الحالات الأخرى فهناك سبب أولي مثل داء السكري و غيره . تكمن مضاعفاته في تكاثر البكتريا في المعدة و الأمعاء وكذلك تكون الكتل الصلبة. يمكن تشخيصه من خلال الأعراض فقط و لكن يجب التأكد منه في بعض الحالات عن طريق إجراء الفحوصات مثل وجبة الباريوم و غيرها . يمكن علاجه عن طريق الآتي :
1- إذا كان هناك سبب أولي, يجب علاجه أولا .
2- الاستلقاء على الجانب الأيمن .
3 - تجنب لبس الملابس والأحزمة الضيقة .
4 - التعديل الغذائي مثل ; التقليل من الأغذية الدهنية , التقليل من الألياف النباتية , الغذاء المنقى والسائل و الوجبات الصغيرة و المتكررة .
5- الأدوية , و تشمل ; ا- المضادات الحيوية الواسعة الطيف مثل التتراسيكلين . ب- العوامل المحرّكة مثل ; الميتوكلوبراميد , الدومبريدون , الاريثروميسين و السيسبرايد . فضلا عن ذلك هناك طرق أخرى معقدة وحديثة توصف فقط للحالات الشديدة و المستعصية حصرا .
وأخيرا يمكن الاستفادة من هذه الظاهرة في تقليل الوزن عند البدينين بتفعيل حالة كسل المعدة لديهم عن طريق عكس الطرق العلاجية المذكورة آنفا .